الموقف الإسباني المتضامن مع القضية الفلسطينية

تعد إسبانيا على رأس الدول الغربية لعلاقاتها الفريدة وتضمانها مع الدول العربية، وعلى رأسها الدعم التاريخي اللامحدود للقضية الفلسطينية، ولتنديدها وفضحها لجرائم الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، ولفضحها عبر إعلامها للجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، هذا القطاع الذي دمرته وقضت على مظاهر الحياة فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي، بزعامة بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة، ما دفع بالحكومة الإسبانية إلى رفع قضايا أمام محكمة الجنايات والعدل الدولية، وتنديدها بجرائم الاحتلال أمام المحافل الدولية، بل وبرفضها المعلن للمشاركات الدولية لإسرائيل في المنتديات الدولية والفنية، لم لا وقد كانت إسبانيا من أوائل الدول الغربية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، ناهيك عن استضافتها للعديد من المؤتمرات الدولية حول حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة، واستقبالها الحافل لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، واستضافتها لمؤتمر مدريد للسلام قبل مؤتمر أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، وجاءت تلك المواقف المشرفة تجاه الفلسطينيين محرجة لأمريكا والدول الغربية، تلك الدول التي تتشدق بالديمقراطية، وحقوق الشعوب في تقرير المصير.

إن تلك المواقف الجريئة والصادقة تدل على نُبل الشعب الإسباني، وتمسكه- رغم ضعف المؤسسات الدولية وتخاذل المواقف الأمريكية والغربية المنحازة لإسرائيل، والمخالفة للقوانين الدولية- تمسكه بالقيم والمثل، ومساندة الشعوب المقهورة، بل والأهم من ذلك هو مواجهة إسبانيا، للحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وللمنظمات الصهيونية بالعالم، ومن المواقف الدالة على تضامن إسبانيا مع الفلسطينيين، وتشنج علاقاتها مع إسرائيل هي أنها كانت من أواخر الدول التي اعترفت بدولة إسرائيل، وذلك بعد منحها بعض المميزات ليهود “السفارديم” المطرودين من إسبانيا خلال القرنين الخامس والسادس عشر، ومنحهم الجنسية، إلى أن تم إلغاء القانون عام ٢٠٢٣، ناهيك عن توتر العلاقات السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية مع إسرائيل، وأيضا وقف صادرات الأسلحة لإسرائيل، وعملت إسبانيا على منع مشاركة إسرائيل في المسابقات الدولية، ومنها كأس العالم المقبل، ومسابقة يورو فيجين الغنائية، والغاء إسبانيا للمرحلة النهائية من سباق الدراجات الشهير بها، وذلك بعد احتجاج الشعب الإسباني في مدريد وكافة المدن الاسبانية لتأييد الشعب الفلسطيني، واعتبار ٨٢ بالمائة من الإسبان أن أحداث غزة تعد حرب إبادة جماعية، لتثبت إسبانيا وبما لا يدع مجالاً للشك بأنها الصوت الأكثر قوة وحزما في أوروبا، وذلك لانتقادها للأعمال الوحشية التي قامت بها ولا تزال إسرائيل تجاه الأبرياء العزل من الفلسطينيين، ولقد وصلت الانتقادات لدرجة أن الحكومة الإسبانية تمنت لو امتلكت القنبلة النووية من أجل استخدامها في ردع إسرائيل، ووقف أعمالها الوحشية تجاه الإنسانية، ومع تلك المواقف الاسبانية المشرفة والمناصرة للقضية الفلسطينية، فإن إسبانيا تحظى بعلاقات تاريخية وثقافية وسياسية مميزة مع البلدان العربية، ولحبها وولعها واحترامها للحضارة الفرعونية العريقة، والحضارة الإسلامية وتداعياتها في الأندلس، ومن دلائل ذلك أيضاً الزيارات الملكية الإسبانية التي لا تنقطع عن مصر، وآخرها الزيارة التي قام بها الملك الإسباني “فيليب الثاني” وقرينته إلى مصر خلال شهر سبتمبر الماضي ٢٠٢٥، ومنحه قلادة النيل من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتي تعد من أرفع الأوسمة المصرية، ولكل هذا التقدير والحفاوة التي نكنها للشعب الإسباني العظيم، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان سباقا في توجيه الدعوة لملك إسبانيا وقرينته بجانب ملوك ورؤساء العالم في افتتاح المتحف المصري الكبير يوم السبت الماضي الموافق الأول من شهر نوفمبر الجاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى